الكثير من الناس ينظمون التنازل عن شكاويهم وهم يخشون من تورطهم فيما لو تضمنَ التنازلُ جريمةً ما، كــ تعارض التنازل اللاحق مع الشكوى السابقة، وغالباً ان خشيتهم صحيحة، حيث يلجأ الكثيرون الى محاولة ادانة المتهمين بما أوتوا من قوة في البداية، وبعد الصلح يحاول اكثر المشتكين تبرئة من عملوا على ادانتهم البارحة ..
فلو قال المشتكي – على سبيل المثال – : ( ان فلاناً قامَ بقتل المجنى عليه ) ثم قال في محضر التنازل عن شكواه : ( بانني اتنازل عن حقي كون ان فلاناً لم يقم بقتل المُجنى عليه ) هنا سيعرض المشتكي نفسه الى جريمة الاخبار الكاذب لوجود تعارض صريح بين اقواله وعقوبتُها بالحد الاقصى للعقوبة التي اخبر عنها اوالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات / ٢٤٣ عقوبات ١١١ لعام ١٩٦٩ .
في حين يصر اهل المتهم في اكثر الاحيان على طلب التنازل من المشتكي وان يُذكر فيه عبارة ( وارفع الشك والإشتباه ) وهي عبارة عرفية لن نجد لها وجوداً ضمن نصوص القانون، وستورط المشتكي حتماً في جريمة متى كان قد بنى شكواه على الجزم والقطع ..
وما الفائدة العملية لمثل هذه العبارات التي لا معنى لها ؟
وكم أُشفق على المحامين الذين يروجون لمثل هذه المصطلحات التي لم يُدققوا في صحتها ولا في اثرها، انما الشك يُرفع اذا كانت الشكوى تُبنى على الشكِ والإشتباه، ولا معنى لها اذا كان المشتكي قد بنى شكواه على اليقين والجزم والا تعارضتْ اقوالُه واوقع نفسه في الخطأ ..
مع ملاحظة ان وجود جرائم الحق العام لا يتأثر بوجود الشكوى او التنازل عنها، بقدر تأثره بوجود الأدلة من عدمهِا، وعلى المحامين والناس ان يسألوا هل توجد ادلة تدين المتهم ام لا ؟
ولا يشغلوا انفسهم بوجود الشكوى من عدمه، لأن المتهم سيُدان حتى لو تنازل المشتكي في مثل هذه الجرائم ما دامت الادلة كافية على ادانته، وسيُفرج عنه حتى في حالة وجود شكوى ، ما دامت الادلة ليست كافية على ذلك ……